تحليل نص حول المذاهب الفلسفية
تحليل نص حول المذاهب الفلسفية
تحليل النص
الدرس : المذاهب الفلسفية2
النصتحليل نص حول المذاهب الفلسفية frown.gifهناك ثلاثة أنماط من نظرية المعرفة ، مما يطلق عليه اليوم كلمة "مثالي" ونستطيع أن نفرق بينهما بأن أحدها هو النمط المستند إلى الإدراك الحسي ، وتمثله نظرية بركلي ، وثانيها هو النمط العقلي ، وثالثها هو النمط المنطقي ، والفرق بين الأول والثاني إنما ينشأ عن إقحام فلسفات كونية مثالية ، إقحاما يؤدي إلى الفصل الذي ناقشناه فيما سبق – بين ما يدرك في التجربة إدراكا حسيا ، وبينما تتكون فكرته العقلية في التصور الذهني ، وأما النظرية الثالثة فتمثل محاولة للتغلب على هذا الإنقسام ، وذلك بالرجوع إلى نوع من الخبرة يندمج فيها ما يدرك بالحس وما يدرك بالعقل إندماجا تاما ، وأعني بها الخبرة المطلقة). (جون ديوي)
بلورة المشكلة:
المشكلة التي يطرحها جون ديوي هنا هي مشكلة المعرفة من وجهة نظر ثلاثة إتجاهات فلسفية ، وهي التجريبية – العقلانية - والكنطية ( نسبة إلى كانط ) ويبلور موقفه البراغماتي من خلال تحديد طابع النقص الذي وقعت فيه كل نظرية من النظريات الثلاثة باقتصارها على جانب وإهمال الجوانب الأخرى .
التحليل :
لقد كانت نظرية المعرفة من بين النظريات الأكثر جدلا في مجال الفلسفة ذلك لأنها لا تتناول بالنقد المعارف التي وصل إليها المفكرون فقط ، بل تتجاوز ذلك إلى الوسائل التي بنى بها هؤلاء معارفهم أي نظرياتهم الفلسفية ، فهي تتناول بالنقد النظرية والمنهج ووسيلة المنهج هل عقلية أم حسية ، ويحدد ( جون ديوي ) هنا ثلاثة نظريات واضحة في مبادئها كما هي ، واضحة في تعارضها ، وهي كلها مثالية حسب مفهومنا ، لأنها تقابل النظرية الواقعية للعلم اليوم .
والنظرية الأولى هي النظرية التجريبية التي ترجع مصدر المعرفة إلى الإحساسات ويمثلها تاريخيا باركلي ، ومقولتها المشهورة عقلنا صفحة بيضاء تكتب عليها الإحساسات المعرفة الممكنة. وهي بهذا طرح التجريبي الضيق على حد تعبير جون ديوي تفضل جانبا هاما وهو العقل الذي ننظر إليه نظرة سلبية.
وثاني هذه النظريات هو المذهب العقلي الذي يرى أن للإحساسات وجود فلا يمكن إنكارها ، لكنها ليست مصدرا للمعرفة كما يزعم التجريبيون ، ففي العقل المعاني الفطرية السابقة على التجربة ، وهذه المعاني هي أصل المعرفة ، ونلمس هذه الفكرة بشكل واضح عند أفلاطون في نظرية المثل ، فالمثل العقلية هي الحقيقة وهي الأصل ، وأما العالم الحسي فهو مجرد ظل أو صورة منعكسة عن المثل ، وتستمد النفس هذه المعاني الفطرية من عالمها (المثل) الذي كانت فيه قبل حلولها بالبدن.
ويهذب أرسطو نظرية المثل الأفلاطونية بإحلال الماهيات أو الجواهر محل المثل فالمعاني الفطرية عقلية ، وهي (الماهيات).
وهكذا نلمس الفرق بين النظرية الأولى والثانية ، في أن الثالثة أقحمت الفلسفة المثالية مع أفلاطون والفلسفة الكونية مع أرسطو بينما إقتصرت الأولى على معطيات الحس ولكنها قامت كرد فعل ضد النزعة العقلية.
أما نظرية كنط فقد حاولت أن تضع حدا لما نتج عن تطرف كلتا النظريتين السابقتين. تطرفا أفضى إلى الإنقسام في المجال المعرفي بينما يدرك بالتجربة إدراكا حسيا وبينما يتكون كفكرة عقلية بواسطة التصور ، فعبارة كنط الإدراك الحسي قوة عمياء بلا عقل ، والعقل قوة جوفاء بلا إحساس ، نقد لتطرف كلتا النظريتين فالمعرفة تنشأ من التركيب بين معطيات التجربة التي يكون الحدس الحسي هو أداتها ووسيلتها ، وبين مقولة العقل القبلية الحاصلة كمعاني في الذهن والفهم هو الذي يقوم بعملية التأليف. لكن ما يترتب منطقيا على نظرية كنط هو أن معرفتنا محدودة بحدود الواقع ، أي عالم الظواهر. فالمقولات العقلية هي قوالب ومفاهيم تندرج ضمنها الخبرة الحسية المكتسبة ، وعندئذ وبهذا المعنى لا يمكننا أن ننشئ معرفة متعلقة بالعالم غير الحسي الذي لا يدركه الحدس الحسي ، وما يمكن هو عالم الظواهر أما الأشياء في ذاتها التي لا تدرك حسيا لا يمن معرفتها.
بحث في الإفتراضات:
هناك ثلاثة نظريات في المعرفة التجريبية عقلية كنطية.
الإختلاف بين الأولى و الثانية نشأ عنه الفصل بين المعرفة المستفادة بالتجربة الحسية وبين التصور العقلي.
نظرية كنط تحاول حل مشكلة الإنفصال التي نشأت عن كلتا النظريتين بالتركيب بينهما بواسطة الفهم.
بعد حوصلة الأفكار الجزئية ننظر في الإفتراضات:
الإفتراض الأول: نشأ عن تعارض النظرية العقلية والتجريبية إنفصال المعرفة التي تكتسب بالتجربة الحسية عن المعرفة التي يكون مصدرها التصور العقلي وكأنهما منفصلان.
تقييم:
الدليل: إذا كانت المعرفة مصدرها الإحساسات على ما يقول التجريبيون فإن العقل لا وظيفة له ، وإذا كانت المعرفة مصدرها العقل فإن التجربة لن نحصل منها على معرفة ما ، وعندئذ إما أن تكون المعرفة مصدرها العقل أو مصدرها التجربة. والنتيجة أن هناك إنفصال بين العقل والتجربة.