5 - العمليات الميدانية التجريبية
5-1 اختيار المواقع
5-1-1 المفهوم
127- تنص الخطوط التوجيهية للبرنامج الخاص على التركيز فى البداية على المناطق عالية الامكانيات التى عرفت بأنها تلك التى تنطوى على امكانيات جيدة لزيادات الانتاج وامكانيات اقتصادية جيدة من حيث فرص الوصول الى الأسواق وغير ذلك. وقد فسرت المناطق بصفة عامة على أنها المناطق التى توجد بها امكانيات رى جيدة وقد منحت الأفضلية لهذه المناطق. وقد وجه بعض الاهتمام مؤخرا الى الزراعة الحضرية وشبه الحضرية.
128- وقد أكد الكثير من بلدان العجز الغذائى ذات الدخل المنخفض أنه فى حين أن التركيز على المناطق عالية الامكانيات يمثل استراتيجية متسقة للتنمية، فانها لا توفر استجابة مبكرة لاحتياجات غالبية الأسر التى تعانى من انعدام الأمن الغذائى فى الريف الذين هم من الفقراء والذين يوجدون بصفة أساسية فى المناطق الحدية. وقد اعترفت وثائق البرنامج الخاص مؤخرا بالحاجة الى اجراء بعض التوجهات نحو المناطق منخفضة الامكانيات ويعتزم اجراء تجارب لتحسين الامكانيات فى جميع المناطق الايكولوجية الزراعية فى البلد. (أى المعروفة بالمرحلة الأولى الموسعة).
5-1-2 تقييم الانجازات
129- من الواضح أن التركيز الأولى على تحقيق نتائج سريعة فى المناطق ذات الامكانيات العالية قد أثر فى عملية اختيار مواقع البرنامج الخاص فى بلدان دراسات الحالة. وقد وجد فريق التقييم أن واحدا أو أكثر من معايير الاختيار التالية قد استخدمتها البلدان المشاركة وخاصة فيما يتعلق بعنصرى المياه والتكثيف:
وجود مشروع للرى بما يشمله من بنية أساسية للرى. ويبدو أن ذلك كان معيارا للاختيار الرئيسى فى معظم البلدان التى زارها الفريق؛
سهولة الوصول - أى سهولة الوصول الى المواقع من خلال الطرق مما ييسر عملية زيارة المرشدين والمزارعين (الصين) أو سهولة الوصول الى الأسواق (اكوادور وبوليفيا)؛
تغطية مختلف المناطق الايكولوجية الزراعية فى البلد (مثل اكوادور والسنغال) على الرغم من أن المواقع المختارة قد ظلت الى حد كبير قاصرة على المناطق الأكثر انتاجا؛
بعض المواقع المختارة كانت من المناطق التى تلقت مشروعات انمائية سابقة مما دفع فريق التقييم الى أن يتساءل عما اذا كان ذلك قد استخدم فى بعض الأحيان كمعيار لاختيار الموقع.
130- ولا يبدو أن انعدام الأمن الغذائى على مستوى الأسرة قد استخدم باعتباره معيارا لاختيار المواقع فى معظم بلدان دراسات الحالة وذلك لأن درجة انعدام الأمن الغذائى الأسرى فى المواقع المختارة كانت، رغم وجوده، أقل بلا منازع مما هو عليه فى المناطق الحدية (أنظر القسم 7-1).
131- وكانت المواقع المختارة لعنصر التنويع فى بلدان دراسات الحالة تتوافق فى كثير من الأحيان مع المواقع الخاصة بعنصرى الرى والتكثيف (مثل بوليفيا واكوادور). غير أنه بدلا من استخدام معيار الموقع النوعى، بدا فى كثير من الأحيان أن معايير الاختيار قد تركزت على المجموعات النوعية من سكان الريف (المجموعات النسائية لزراعة البساتين وتربية الحيوانات الصغيرة أو نشاطات ما بعد الحصاد ذات القيمة المضافة). وكان ذلك يعنى فى بعض الأحيان أنها توجد فى مواقع أخرى وليست متطابقة بالضرورة مع المواقع المختارة لنشاطات الرى والتكثيف.
132- وقد انتهى فريق التقييم الى أن معظم المناطق المختارة لنشاطات البرنامج الخاص قد تكون هى الأفضل فيما يتعلق بامكانيات زيادة الاكتفاء الذاتى القطرى الا أن تأثير البرنامج الخاص، فيما يتعلق بتحسين الأمن الغذائى الأسرى، قد يكون أكبر فى المناطق ذات الامكانيات المنخفضة (أنظر القسم 7-1).
133- ويعتقد فريق التقييم أن عملية اعادة التوجيه التى تمت مؤخرا فى البرنامج الخاص لكى يشمل بعض المناطق ذات الامكانيات المنخفضة أمر يحظى بالترحيب لأن احتياجات الأسر الأكثر تعرضا أمامها فرصة أفضل لأن تلبى بواسطة البرنامج الخاص (أنظر القسم 7-1)، بل لأن احتمال النجاح فى نقل المناهج والنتائج بصورة خاصة من المناطق ذات الامكانيات العالية الى بيئات الانتاج الهامشية قد يكون حافلا بالمشكلات.
134- وفيما يتعلق بالصلاحية للنقل عبر المناطق الايكولوجية الزراعية، قد يكون عنصر التنويع أكثر مرونة ومواءمة من نشاطات الرى والتكثيف. وبهذا المعنى فان هناك ميزة من عدم تطابق نشاطات التنويع دائما (أى بمعنى تنفيذها فى نفس المواقع) مع نشاطات الرى والتكثيف. غير أن لذلك عيبا بمعنيين هما:
(أ) أن ذلك سوف يعقد من ادارة وتنسيق النشاطات بواسطة لجان المنتفعين (أى مجموعات المزارعين) على الرغم، من ناحية أخرى، أن هذه النشاطات قد تلبى احتياجات المجموعات الأكثر احتياجا؛
(ب) أنه يقلل من امكانيات التكامل والتعاون الواضح فى الاستراتيجية متعددة الجوانب اللازمة لمعالجة الأمن الغذائى وخاصة على مستوى الأسر المختلفة (أنظر القسم 7-3-3).
5-2 اختيار المنتفعين المستهدفين
5-2-1 المفهوم
135- كان المنتفعون الرئيسيون فى البرنامج الخاص للأمن الغذائى هم المزارعون "الصغار والناشئون" وأسرهم. كما شدد مفهوم البرنامج الخاص على أنه مستمد من الطلب ويتعين تعديله ليتفق مع احتياجات وتجارب كل بلد. وكانت الفكرة هى أن يكون البرنامج الخاص عملية تعلم مستمرة تتطور وتتواءم وفقا للتجارب والنتائج التى تتحقق خلال التنفيذ.
5-2-2 تقييم الانجازات
136- نظرا لأن البرنامج الخاص يعترف بالمنهج الموجه نحو الطلب واستحسان التعديل وفقا للاحتياجات والتجارب المحلية فى استهداف المنتفعين المحتملين، من المتوقع أن تتباين الطرق التى سيختارون بها. وقد استخدمت فى بلدان دراسات الحالة ثلاثة مناهج مختلفة لاختيار منتفعين مباشرين للاشتراك فى نشاطات البيانات العملية هى:
(أ) المنهج التشاركى، حيث قام المزارعون أنفسهم فى مجموعاتهم أو لجانهم باختيار مزارعى البيانات العملية الذين يعتبرونهم بصفة عامة قادرين ومن أهل الثقة والذين يحظون بالاحترام (مثل اكوادور وهايتى والسنغال) فضلا عن أن يكون لديهم الوقت لحضور المدارس الحقلية للمزارعين (مثل كمبوديا)؛
(ب) الاختيار بواسطة فريق مشروع البرنامج الخاص (مثل بوليفيا وبنغلاديش) ويتكونون من أولئك الذين يشعرون بأنهم قادرون على تحمل المخاطر (وخاصة فيما يتعلق بالمستحدثات التى تتطلب بعض الاستثمارات الرأسمالية مثل قنوات ومعدات الرى) والذين يعتقد أنهم قادرون على نشر الخبرات المكتسبة؛
(ج) منهج أكثر تلقائية مثل فى بنغلاديش، حيث يكون قد تم اختيار القرى والمناطق المروية اذ يدرج جميع أصحاب الأراضى والمزارعون بالمشاركة فى المشروع فى هذه المناطق فى العمليات التجريبية وفى الصين حيث أدرج جميع المزارعين فى قريتين من قرى التحكم فى المياه باعتبارهم من مزارعى البيانات العملية.
137- ويرى فريق التقييم أنه اذا ظلت جميع الأمور الأخرى على ما هى عليه، فان اختيار المزارعين التشاركى لمزارعى البيانات العملية هو أفضل وسيلة من حيث الحوافز التى تقدم للمنتفعين أنفسهم، ويعتقد أن من الممكن ربما استخدام هذا المنهج على نطاق أوسع مما كان عليه الحال حتى الآن، وعلى الرغم من أنه مازالت هناك قضية تتعلق بالطريقة التى يمكن بها اشراك المزارعين الآخرين الذين يحضرون نشاطات البيانات العملية ويشاركون فى مجموعات القروض والدورات التدريبية. ويبدو أنهم فى معظم الحالات، وان لم يكن فى كلها، أعضاء فى المجتمع المحلى الذى توجد فيه مزارع البيانات العملية وينضمون اليها نتيجة لدوافع واهتمامات شخصية. وهكذا تم استهداف عدد أكبر من المزارعين بصورة غير مباشرة عن طريق نشاطات التدريب فى معظم مواقع المشروع الا أن فريق التقييم لديه بعض الشك فى فعالية هذه النشاطات عندما لا ترتبط بصورة مباشرة بمبادرات التنفيذ (أنظر القسم 5-5-1).
138- يؤيد فريق التقييم بشدة التوسع فى استخدام مجموعات ومنظمات المزارعين لا للمشاركة فى نشاطات البرنامج الخاص فحسب، بل ولنشر المعلومات الخاصة بالنتائج. غير أن من المهم تفهم طريقة العمل فى التشكيل الناجح لهذه المجموعات وطريقة عملها واستدامتها وفهم الظروف التى قد تعمل أو لا تعمل فيها هذه المجموعات (أنظر القسم 5-4-2-1).
139- كان الكثير من مزارعى البيانات العملية، فى بلدان دراسات الحالة، من المزارعين الموجهين نحو السوق الذين يبيعون منتجاتهم لتجار الجملة مباشرة فى السوق وشراء جزء كبير من المواد الغذائية التى يستهلكونها. وكان من الواضح بصفة عامة أنهم من المستوى فوق المتوسط لا من الناحية الاقتصادية فحسب بل ومن زاوية أوضاعهم السياسية والتعليمية والاجتماعية مما يعنى أنه كان من المستبعد اختيار المزارعين الأقل حظا بواسطة المزارعين أنفسهم أو فريق المشروع. غير أن استهداف المزارعين الصغار وان كانوا ناشئين وخاصة فى المناطق عالية الامكانيات، يعطى نتائج سريعة وملموسة بصورة أكبر من حيث الانتاج ومن ثم زيادة الدخل. غير أنه كان من الممكن اشراك المزارعين الهامشيين الأقل امكانيات من حيث تحسين الانتاجية فى الترويج للنشاطات الأخرى المدرة للدخل (أى التنويع).
140- وقد مثلت المرأة الى حد ما فى البيانات العملية غير أنه من المرجح أن يكون الوضع كذلك فى التنويع أكثر منه فى عنصر التكثيف. وعلى الرغم من أنها غير ممثلة بنفس درجة الرجال، فان فريق التقييم شعر بأنه كان هناك تمثيل معقول للنساء بعد مراعاة السياق الاجتماعى والثقافى والاقتصادى السائد. وثمة استثناء ممكن وحيد هو فى حالة اريتريا حيث أن عددا يصل الى 30 فى المائة من الأسر ترأسها النساء بحكم الواقع (نتيجة للحرب والقضية ذات الصلة بالحدود) الا أن النساء لا يشكلن سوى نحو 15 فى المائة من مزارعى البيانات العملية.
141- ولم تكن هناك قرائن كثيرة فى بلدان دراسات الحالة على بذل جهود نوعية لتحديد المجموعات المعرضة (أى الأسر التى تعانى من انعدام الأمن الغذائى) أو وجود مبادرة استهداف خاصة بهم. ونظرا لأن من المعتقد أن النساء يشكلن هذه المجموعة، فقد تم استهدافهن بصورة خاصة. وكما أشير سلفا، فان النساء يملن فى الواقع الى أن يكن ممثلات بصورة جيدة على وجه الخصوص فى نشاطات التنويع أو تلك الخاصة بالقيمة المضافة التى يدعمها البرنامج الخاص بصورة مباشرة وغير مباشرة من خلال مشروعات برنامج تليفود والتى هى صغيرة الحجم للغاية.
5-3 اختيار التكنولوجيا لتجربتها
5-3-1 المفهوم
142- كانت الفكرة منذ البداية هى أن تعتمد البيانات العملية على الطرق والتقنيات التى يمكن استدامتها بعد انتهاء المشروع والتى لا تتطلب عوامل مثل المدخلات التى لا يمكن تعبئتها من خلال السوق أو التى تحتاج الى كميات اضافية بصورة غير معقولة من اليد العاملة.
143- كما لا ينبغى للتكنولوجيات التى أجريت عليها البيانات العملية أن تكون، وفقا للخطوط التوجيهية للبرنامج الخاص، مقبولة وجذابة للأسر الزراعية (أى ممكنة فنيا وسليمة اقتصاديا ومقبولة اجتماعيا) فحسب، بل لا يكون لها تأثيرات سلبية على البيئة، بل يفضل أن يكون لها تأثيرات ايجابية. وفيما يتعلق بالاعتبارات الايكولوجية، تضمنت الموضوعات مناهج التكثيف غير الضارة بالبيئة مثل الادارة المتكاملة للآفات والنظم المتكاملة لتغطية النباتات ودمج الأشجار وغيرها من المحاصيل لحماية التربة والمياه وتوفير الأعلاف والوقود، فى نظم الزراعة.
5-3-2 تقييم الانجازات
5-3-2-1 ادارة الرى والمياه
144- حظيت البيانات العملية للهياكل المحسنة لاستخراج المياه، والبوابات، وأكشاك توزيع المياه، والقنوات الفرعية ذات التربة المتراصة أو المكسوة بالأسمنت بدلا من الخنادق التقليدية المؤقتة، بتقدير وطلب واسعى النطاق من جانب المزارعين فى معظم بلدان دراسات الحالة. غير أن فريق التقييم وجد أنه نتيجة لضعف موارد المشروع الشديد، لم يمكن تقييم هذه التحسينات الا فى نطاق محدود للغاية ثم فقط بمساهمات عينية من جانب منتفعين أنفسهم أو بمساعدات المشروعات الكبرى الأخرى. وكثيرا ما حدث أن كانت التكنولوجيات، حتى لو كانت منخفضة التكلفة نسبيا، بعيدة عن متناول القدرات المالية للمزارعين فى عدم وجود القروض التى يمكن أن تقدم لهم.
145- ومن الأنسب أن ترتبط البيانات العمليات لتقنيات الرى المحسنة على مستوى المزرعة (مثل رى الأخاديد، والحدود، والحياض واستخدام السيفونات من مختلف الأبعاد لمختلف المحاصيل، والأنابيب ذات البوابات التى تناسب بصورة خاصة أراضى المنحدرات) والتى تختلف عن الرى التقليدى بالغمر المستخدم حاليا، بنشاطات برنامج التعاون الفنى. ويعارض فريق التقييم بشدة استراتيجية تقديم المعدات والمواد (الأنابيب ذات البوابات والأسمنت) لمزارعى البيانات العملية بشكل منحة حيث أن الهدف من البيانات العملية هو تشجيع المزارعين على تطبيق التقنيات (أنظر القسم 5-4-2-3). ومن الواضح أنه لا يمكن تقديم المنح لجميع المزارعين ومن ثم لا يمكن أن تنتشر هذه التقنيات الا بالترافق مع برنامج للقروض.
146- وفى بلدان السهل التى تمت زيارتها (أى موريتانيا والنيجر والسنغال) لم يعالج عنصرا ادارة الرى والمياه والتكثيف فى المواقع المروية أهم مسألة ألا وهى الأعطال المتكررة التى تتعرض لها المضخات القديمة التى تم شراؤها بأسعار مدعمة للغاية والتى لم يرصد لها اعتمادات للصياغة والاحلال. وينبغى معالجة هذه المسألة من جانب البرنامج الخاص من خلال الحوار بشأن السياسات على المستويين الكلى والمتوسط مع مؤسسات الائتمان ومنظمات المزارعين ومنظمى المشروعات من القطاع الخاص فضلا عن الجهات المتبرعة ممن لديها خبرات بشأن هذه المشكلة المتكررة ووسائل علاجها.
5-3-2-2 التكثيف
147- تم فى معظم بلدان دراسات الحالة اجراء تقييم أو بيانات عملية للحزم التكنولوجية الكاملة بما فى ذلك تجهيز الأراضى وادارة المياه بصورة ملائمة لأغراض الرى، والأنواع المحصولية، وتحديد المسافات بين المحاصيل، والأسمدة وتدابير مكافحة الآفات/الأمراض بالنسبة للمحاصيل المستهدفة. وقد وجد فريق التقييم دلائل على أنه قد أسند بعض الاهتمام فى بعض الأحيان لترشيد استخدام المدخلات وخاصة من خلال الحد من استخدام الكيماويات التى تستخدم فى بعض الأحيان بصورة مبالغ فيها (وخاصة فى الخضر)، بمساعدة الادارة المتكاملة للآفات. كما تم بعض العمل فيما يتعلق بالدورات المحصولية على الرغم من أن الدورات المعمول بها كانت تعتبر فى كثير من الأحيان مرضية.
148- كانت المحاصيل التى أجريت عليها البيانات العملية هى المحاصيل التى تزرع عادة فى المنطقة على الرغم من أنه كان يجرى فى بعض الأحيان ادخال نماذج من محاصيل جديدة من خارج المنطقة (الخضر فى بوليفيا وأشجار الفاكهة فى موريتانيا). ومن الواضح أنه كان من المهم فى هذه الحالات، لأغراض تبنى هذه المحاصيل على نطاق واسع، لو كانت هذه البيانات العملية الموجهة نحو "الانتاج" قد استكملت بحملة تثقيف/توعية للمستهلكين تبين مزايا الانتاج الجديد ومعلومات عن الطريقة التى يمكن بها اعداده للاستهلاك.
149- كانت معظم التكنولوجيات التى تم اختيارها لاجراء التجارب الحقلية عليها بواسطة البرنامج الخاص ملائمة بصورة معقولة. غير أنه كان من الواضح لفريق التقييم أنه كان من الأفضل اجراء عملية فحص لبعض التكنولوجيا المختارة للبيانات العملية قبل ادراجها. فعلى سبيل المثال، كان من الواضح تماما فى زامبيا بالنظر الى أسعار الذرة والأسمدة أن الذرة الهجين فى المقاطعة الجنوبية والذرة المحسنة فى المقاطعة الغربية قد لا تحقق العائد الاقتصادى المطلوب. كما كان من المستبعد تماما أن يكون نشر الجير عاملا اقتصاديا بالنظر الى تكاليف النقل كما أن مشكلة الطيور المرتبطة بانتاج الدخن كانت معروفة تماما. وفى النيجر كانت الدورة المحصولية المكونة من محصول واحد التى أدخلت فى احد المواقع ضد الأساليب المستخدمة وأدت الى نتائج رديئة. ولقد كانت هذه التقنية معروفة الا أنه لم تكن تطبق لأسباب معقولة. ولقد كان من الممكن باتباع منهج تشاركى تجنب مثل هذه المواقف. وفى هايتى، أثبتت بعض الأنواع عدم صلاحيتها (مثل الأرز من حيث مستويات الأسمدة وتكوينها وأنواع الذرة) وكان من الضرورى اجراء بعض التعديلات. وعلى ذلك فان فريق التقييم يشعر بأنه لم يراع الحرص بصورة كافية فى بعض الأحيان فى الاختيارات الأولى للتكنولوجيات لاجراء البيانات العملية عليها.
150- وقد حظيت البيانات العملية الخاصة بأساليب الزراعة العضوية بالتقدير فى بعض البلدان (مثل فى اكوادور وهايتى). غير أنه لم تكن هناك محاولة متعمدة لمعالجة سوق المنتجات "العضوية" بالنظر الى أنه لم تكن هناك أى شكل من أشكال اعتماد المنتجات العضوية سواء فى اكوادور أو هايتى أو فى الواقع أى سوق واضحة للمنتجات "العضوية" حيث تدفع علاوة سعرية لهذه المنتجات. وعلى ذلك فقد كانت جاذبية "الانتاج العضوى" بالنسبة للمنتجين تقتصر على القناعات الايديولوجية والوفورات المحتملة فى التكاليف من حيث عدم شراء الأسمدة غير العضوية والكيماويات الأخرى.
5-3-2-3 التنويع
151- نفذت طائفة واسعة من النشاطات من بينها:
الحدائق المنزلية (التى تضم المحاصيل الغذائية والخضر وأشجار الفاكهة والنباتات الطبية واستخدام الدوبال المخلوط بالديدان)؛
نشاطات القيمة المضافة بما فى ذلك التصنيع (الدراس والتقشير) والتسويق (صناعة المربى وتنظيف الفاصوليا وتلميعها وتعبئتها)؛
انتاج البيض والدجاج البياض والمعز والأغنام والخنازير وحيوانات التجارب؛
تربية الأحياء المائية وزراعة الأسماك والأرز.
وكان التدريب، الذى يشمل فى بعض الأحيان وان لم يكن فى جميعها للأسف، التحليل الاقتصادى نشاطا هاما فى تيسير انتاجها والمساعدة فى قبولها.
152- وثمة نشاط، قد لا يكون من أنشطة التنويع بالمعنى الدقيق، يبدو واعدا بصورة خاصة فى بعض البلدان من حيث تيسير هذه النشاطات ويتمثل فى اقامة متاجر للامداد بالمدخلات ومنافذ لتسويق المنتجات، ضمن شكل من أشكال ملكية مجموعات المزارعين وادارتها. وفيما يلى المزايا المحتملة لهذه النشاطات:
فيما يتعلق بالمدخلات، تحسين توافرها والقدرة على الحصول عليها والتمكين من شرائها بخصم فى الأسعار نتيجة لشرائها بالجملة؛
تحسين فرص الحصول على المعدات باهظة التكاليف التى لا يمكن شراؤها من الناحية الاقتصادية؛
توفير الوسائل لتخزين المنتجات بصورة مؤقتة للتغلب على التقلبات السعرية بين المواسم والاستفادة منها.
153- وتشمل الأمثلة على ما تقدم فى بلدان دراسات الحالة ما يلى:
متاجر الامدادات بالمدخلات فى هايتى والتى تخضع للجان المزارعين المركزية؛
متاجر الآلات والمعدات فى بوليفيا التى تخضع لاشراف مجموعات المزارعين وتوجد فى مزارع مزارعى البيانات العملية؛
مخازن الامدادات بالمدخلات المقترنة بمنافذ تسويق الحبوب الغذائية فى تنزانيا والتى تخضع للاشراف من جانب مجموعات المزارعين.
154- وتم تمويل بعض النشاطات الخاصة بالتنويع من مصادر أخرى. ومن الأمثلة على ذلك مشروعات برنامج تليفود ذات الصلة بتربية الحيوانات الصغيرة (مثل اريتريا)، المتاجر (مثل تنزانيا) ونشاطات مجموعة الانتاج (مثل نشاطات تربية الدواجن البياضة وصنع المربى فى اكوادور). كما اشتركت الجهات المتبرعة من آن لآخر فى هذه العمليات (مثل الوكالة الدانمركية فيما يتعلق بانتاج البيض فى اريتريا).
5-3-3 قضايا عامة
155- يبدو أن مسألة السلامة المالية لحزمة البيانات العملية لم تعالج عموما بالقدر الكافى فى معظم البلدان. ويتساءل فريق التقييم عن جدوى اجراء البيانات العملية على التكنولوجيات التى قد لا تكون مربحة و/أو تسلم للمزارعين فى شكل منح أو بتكاليف مدعمة ضمنيا أو صراحة بواسطة البرنامج الخاص. ومن الواضح أن احتمال التطبيق التلقائى من جانب المزارعين يبدو أمرا مستبعدا للغاية.
156- حصل فريق التقييم على انطباع بأنه يوجد نقص عام فى التكنولوجيات المحسنة المبتكرة التى قدمت لها بيانات عملية. ويعنى ذلك والمشكلة التى أشير اليها فى الفقرة السابقة أن على البرنامج الخاص أن يجرى اتصالات أفضل لا مع المشروعات الارشادية وغيرها من المشروعات الموجهة نحو التنمية فحسب، بل وكذلك مع المؤسسات الأكاديمية والبحثية داخل البلدان. ولم يؤد ذلك الى ضمان دراسة جميع التكنولوجيات التى يحتمل توافرها بل وأن تقدم المؤسسات مساعدات كافية فى تقييم سلامتها الاقتصادية المحتملة المتوقعة. وعلاوة على ذلك، يمكن ادراج الخبراء فى هذه المنظمات للمساعدة فى فحص أية مواد/نشرات يعدها فريق مشروعات البرنامج الخاص والموافقة عليها للنشر.
157- وكما أشير فى فقرات لاحقة من هذا التقرير (أنظر القسم 7-3-3)، يعتقد فريق التقييم أنه نتيجة لتركيز البرنامج الخاص على الأمن الغذائى الذى له، وخاصة على مستوى الأسرة، أبعاد موسمية كبيرة، فان من المهم لدى اختيار التكنولوجيات لتقديم البيانات العملية الخاصة بها، التركيز باهتمام خاص على تيسير مسار الدخل والانتاج طوال العام. ويعتقد فريق التقييم أن هذا الجانب لم يحظ بالاهتمام الكافى حتى الآن.
158- ويعتقد فريق التقييم أنه لا بد للبرنامج الخاص أن يركز الى أقصى حد ممكن على اجراء بيانات عملية على خيارات يمكن للمزارعين أن يختاروا من بينها بدلا من محاولة تسليم حزمة تكنولوجية كاملة من التكنولوجيا المحسنة التى قد يكون عنصر أو أكثر منها غير قابل للاستمرار.
159- وعلى الرغم من أنه قد تم توجيه بعض الاهتمام الى القضايا ذات الصلة بالبيئة، فان فريق التقييم يعتقد بأن ذلك كان ينطوى على عيوب كبيرة (أنظر القسم 7-3-3). فلا شك فى أن منهج النظم وليس مجرد السلع مهم فى المساعدة فى معالجة القضايا ذات الصلة بالبيئة بصورة أكثر صراحة.
5-4 منهج البرنامج الخاص
5-4-1 المفهوم
160- لقد صمم البرنامج الخاص للأمن الغذائى لاستخدام البيانات العملية والدورات التدريبية كوسيلة لا لتزويد المزارعين ومنظمى المشاريع بأفكار متعمقة عن التغييرات التكنولوجية المستحسنة الممكنة فقط، بل وكذلك تهيئة الفرصة للعمل بطريقة تشاركية مع المزارعين على استكشاف المعوقات ذات الصلة بجوانب القصور فى التكنولوجيات التى يجرى تقديم البيانات العملية عنها والطريقة التى يمكن بها التغلب على هذه الجوانب. والهدف من هذه العملية التشاركية الرفيعة التى تعترف بالدور المحورى للمزارع باعتباره صانع قرار، هو تمكين المزارعين وتحسين فائدة وجاذبية التكنولوجيات التى يجرى تقديم البيانات العملية عنها.
5-4-2 تقييم الانجازات
5-4-2-1 تعزيز مشاركة وتمكين أصحاب الشأن المحليين
161- يعترف الآن بالمشاركة بصفة عامة على أنها عنصر رئيسى فى أية سياسة انمائية لا باعتبارها وسيلة لتعزيز المداولات الديمقراطية وتشجيع الروح الخلاقة، بل وكذلك على أسس تتعلق بالكفاءة حيث يتعين اشراك أصحاب الشأن فى القرارات التى تؤثر فى حياتهم ومن ثم تشجيعهم على الالتزام بتحقيق الأهداف التى تحددت بصورة مشتركة. وعلى الرغم من خصائص التصميم الجامدة فى الأيام الأولى من عمر البرنامج الخاص، استطاعت السلطات القطرية أن تعدل منها عندما كانت تتوافر ظروف ترتيب أولويات قضايا الأمن الغذائى فى البلد. وعلى المستوى المحلى، كان مدى المشاركة، ولا سيما مدى تمكين النساء، يعتمد على التوجهات السياسية العامة فى البلد وعلى الثقافة الادارية للمنظمات المعنية، وعلى الظروف الاجتماعية الثقافية السائدة محليا. وقد أتاح عنصر تحليل المعوقات، فى عدد قليل من البلدان، بعض المشاركة المحلية فى التصميم، غير أن ذلك كان يتركز بالدرجة الأولى على اعادة تصميم النشاطات التى كانت قد نفذت الى حد ما. ففى اكوادور، تجاوزت هذه العملية مجرد وضع قائمة بسيطة بالمعوقات من خلال استخدام تقنيات جوانب القوة ونقاط الضعف والفرص المتاحة والتهديدات فى اعادة تصميم وتنفيذ مبادرات البرنامج الخاص.
162- وثمة أربعة أمثلة هامة على الطرق التى استطاع بها المزارعون أن يصبحوا أكثر مشاركة (بطريقة تشاركية) وتمكينا فى نشاطات البرنامج الخاص فى بلدان دراسات الحالة وكان ذلك من خلال استخدام:
منظمات المزارعين؛
مجموعات المزارعين؛
مدارس المزارعين الحقلية؛
روابط مستخدمى المياه.
163- منظمات المزارعين . يتعين أن تكون مشاركة المزارعين فى البرنامج الخاص فى السنغال نموذجا يحتذى فى البرنامج الخاص حتى فى البلدان التى تكون فيها هذه المنظمات أقل قوة. وينبغى أن تشجع المنظمة وتدعم عمليات مناقشة هذا النموذج فى الاقليم الفرعى وعبر الأقاليم الفرعية. فمنذ بداية البرنامج، أوكلت مسؤولية التشغيل الكاملة لمنظمتين للمزارعين على المستوى دون الاقليمى هما: (منظمة شباب المزارعين فى كولى فيرنيدى) فى وادى نهر السنغال (ولجنة العمل من أجل مقاطعة فونى) فى كاسامانسى السفلى، وكلاهما ينتمى الى نفس الاتحاد وهو الاتحاد الوطنى للمنظمات غير الحكومية فى السنغال. وبعد توسيع نطاق البرنامج ليشمل مواقع اضافية، أوكلت مسؤولية تشغيله وادارته المالية الى مجموعة تشغيلية وتنفيذية هى (الرابطة السنغالية للترويج للمشروعات الصغيرة على مستوى القاعدة/وكالة تنفيذ المشروعات التابعة لمنظمة مركزية) و (المركز الوطنى للتنسيق والتعاون الريفى) الذى يتألف فى الوقت الحاضر من 19 اتحادا. وقد قامت المنظمات بنفسها بصياغة المشروعات والنشاطات الصغيرة على مستوى القاعدة بالتشاور مع السلطات المحلية ووفقا للخطوط التوجيهية العامة للبرنامج الخاص ثم تم فحصها على المستوى الاقليمى قبيل تقديمها الى لجنة الموافقة الوطنية. وتضم هذه الأخيرة ممثلين عن وزارة الزراعة ووزارة المالية والمجلس الوطنى للأمن الغذائى فى مكتب رئيس الوزراء والرابطة السنغالية للترويج للمشروعات الصغيرة على مستوى القاعدة ومنظمة الأغذية والزراعة. ولا شك فى أن تكليف منظمات المزارعين بصياغة وتنفيذ المشروعات أمر يستحق الثناء الكبير. ويمكن تكرار هذه العملية فى أماكن أخرى حيثما يكون ممكنا بشرط أن تقاوم المنظمة اغراء التدخل فى الاحتياجات التى يتم التعبير عنها على النحو الذى نوقش فى فقرات سابقة.
164- مجموعات المزارعين. بالاضافة الى الحالة الفريدة المتعلقة باستخدام منظمات المزارعين فى السنغال، استفاد البرنامج الخاص على نحو جيد من مجموعات المزارعين فى كثير من البلدان لا كوسيلة لتحسين الكفاءة من حيث تركيز النشاطات على عدد من المزارعين فى وقت وموقع واحد، بل كوسيلة لتمكين المزارعين لمساعدة أنفسهم ولطلب مساعدتهم فى تحسين تأثيرات نشاطات البرنامج الخاص وتأثيراته المضاعفة من خلال نشر المبادرات الواعدة. وفى بعض البلدان (مثل اكوادور وهايتى، كان لمجموعات المزارعين داخل المجتمعات المحلية أو ذات الصلة بروابط مستخدمى المياه فى القنوات الفرعية ممثلين لهم فى لجان المزارعين المركزية التى أنشأها البرنامج الخاص والتى توفر أساسا مهام التنسيق والاشراف من حيث عمل لجان المزارعين فى منطقة نوعية وتمثيل مصالحهم بالاتصال مع المنظمات الخارجية. ولا شك فى أن هذه المجموعات قد اضطلعت وما زالت بأدوار هامة مثل الحد من النزاعات المتعلقة بالحصول على المياه وتوفير طرق عمل لتطبيق متاجر المدخلات الزراعية المملوكة للمجموعات. ويؤيد فريق التقييم بقوة فكرة مجموعات المزارعين المستخدمة على نطاق واسع فى تنظيم وتنفيذ النشاطات ذات الصلة بالبرنامج الخاص الا أنه يعترف بأن من الضرورى فهم الأوقات التى لا تكون فيها هذه المجموعات صالحة أو مناسبة. وهناك وضعان نوعييان أو مثاليان فى هذا الشأن يردان فيما يلى:
(أ) من المهم ادراك الظروف التى يتوقع أن تعمل فيها نشاطات المجموعات المجتمعية بفعالية وتلك التى لا يتوقع فيها أن تعمل كذلك. فعلى سبيل المثال كانت هناك جهود فى بوليفيا لادخال رقع البيانات العملية التى تنفذها المجموعات والتى تشمل الرجال فى مجال كان الرجال يميلون فيه الى أن يعملون ازاء الزراعة والتسويق. ولم يكن من المستغرب أن هذه الرقع المجتمعية كانت غير محبوبة أو ممكنة مما أدى بالبرنامج الخاص الى أن يلجأ فى نهاية الأمر الى رقع البيانات العملية التى تعمل بصورة فردية.
(ب) من المهم أن يكون لدى المجموعات قضية أو سبب للبقاء مع بعضهم البعض (العمل فى نشاط يتطلب أو يستفيد من الأعمال الجماعية لضمان الحصول بصورة متساوية على موارد الملكية المشاع مثل المياه). وهكذا يتعين على البرنامج الخاص عندما يشجع على تكوين المجموعات أن يوجه بعض التفكير الى احتمالات استدامة هذه المجموعات فى المدى الطويل. ففى منطقة بورتوفييجو فى اكوادور مثلا، تم تشكيل مجموعات المزارعين تحت اشراف البرنامج الخاص الا أن من المستبعد أن تستمر هذه المجموعات بعد توقف التمويل الخارجى. وربما كان من الأفضل استخدام مجموعات مستخدمى المياه الحالية التى قد تستمر ومن ثم قد تساعد على استدامة بعض النشاطات ذات الصلة بالبرنامج الخاص (التعلم الجماعى والنشاطات التى تبدأها المجموعات).
165- مدارس المزارعين الحقلية. كانت مدارس المزارعين الحقلية فى كمبوديا وزامبيا نماذج ممتازة على المزارعين الذين يختارون من بين الخيارات التى تقدم اليهم، أفضل ما يصلح لتلبية احتياجاتهم وقدراتهم. ويصبح دور موظفى الارشاد فى هذه الحالة هو دور الميسر لبناء المعارف، وبدلا من نقل الرسائل الارشادية المعدة مركزيا، يرتبطون بالمشكلات ذات الصلة بالواقع المحلى والناشئة عن الدراسات الميدانية التى تجريها مدارس المزارعين الحقلية. ويجتمع المشاركون فى مدارس المزارعين الحقلية (25 الى 30 شخصا) بصورة منتظمة خلال الموسم ابتداء من فترة ما قبل الزراعة حتى الحصاد لتعلم الدروس عن مختلف النشاطات والبت فى الكيفية التى يمكن بها ادارة النشاطات المختارة. ففى كمبوديا، تشارك النساء بصورة نشطة فى مدارس المزارعين الحقلية وتذكر بصورة واضحة أنهن وجدن المعارف المكتسبة لا مفيدة لنشاطهن فحسب، بل وحسنت من مراكزهن الاجتماعية.
166- روابط مستخدمى المياه. على الرغم من أنه كان هناك فى بعض بلدان دراسات الحالة، قبل البرنامج الخاص، بعض السيطرة المحلية على استخدام المياه، فقد اضطلع البرنامج الخاص بدور هام فى دعم وتحسين كفاءة هذا المنهج وفى المساعدة فى تطبيقه فى بلدان أخرى. وتتوافق هذه الاستراتيجية مع الفلسفة الانمائية الجارية الخاصة باعادة مسؤولية ادارة الموارد ذات الملكية المشاع الى المجتمعات المحلية. وفى حالة المياه، يجرى، بفضل الدعم الذى قدمه البرنامج الخاص للتدريب على الادارة وتسوية المنازعات، التشجيع على تحمل المزارعين مسؤولية تخصيص وتوزيع المياه من خلال روابط مستخدمى المياه المحلية. وفى العديد من البلدان، أدخل البرنامج الخاص هذه الروابط كوسيلة لضمان الملكية المحلية لهياكل الرى والصرف التى تم بناؤها وضمان المشاركة فى تشغيلها وصيانتها. وتعتمد استدامة روابط مستخدمى المياه على سداد رسوم المياه بصورة منتظمة وتجميع أموال كافية للصيانة والاصلاح. ويجرى توعية الأعضاء بعدم الاعتماد بعد ذلك على الأموال العامة فى هذه الأغراض و/أو التسلسل المعتاد لمشروعات الاصلاح. ويتضح ذلك فى أفضل صورة فى حالة كمبوديا حيث لا يوجد لدى المزارعين ثقافة توكل نتيجة للاضطرابات التى تعرضوا لها. غير أن هناك قضايا كامنة تحتاج الى تفهم وربما معالجة لدى التشجيع على هذه المبادرات "الجماعية". وفيما يلى ثلاثة أمثلة على ذلك:
(أ) لا ينبغى قمع روح الفردية. فعلى سبيل المثال ينبغى مراعاة تفضيل مضخات المياه الفردية فى زامبيا فى عمليات تشغيل روابط مستخدمى المياه؛
(ب) يميل البرنامج الخاص الى ترك قضايا حيازة الأراضى بعيدا عن منطقة الضوء وعن معالجتها بصورة صريحة. ففى بنغلاديش مثلا، حيث يقوم أصحاب الأراضى والمستأجرون والمزارعون بالمشاركة فى المحصول بالعمل جنبا الى جنب فى نفس مناطق الرى. ويميل أصحاب الأراضى الكبار نسبيا وأصحاب الآبار الارتوازية الى السيطرة على روابط مستخدمى المياه. فان القضايا المعلقة ليست ذات طابع فنى ومركز حول الغلات فحسب، بل وتتعلق أيضا بالربحية والمشاركة الاجتاعية فى التكاليف والمنافع والتأثيرات على ملكية الأراضى وعلاقات القوة؛
(ج) يميل دور النساء الى أن يكون محدودا فى روابط مستخدمى المياه الأمر الذى يميل بها الى أن تكون تحت سيطرة الذكور.